لماذا يفشل التسويق ؟

أسباب فشل التسويق

أسباب فشل التسويق ؟

 

إذا تساءلت لماذا يفشل التسويق معك، فتفكر في عقلية المستثمر التي تدور حول تجنب الخسارة أكثر من التوجه نحو السعي إلى الربح، فتبقى عملية الاستثمار في أي شيء مثل  مغامرة محسوبة الأبعاد أو غير محسوبة، لأن عائدها مرهون بمدى بذل الجهد والمال والموازنة بين العناصر الإنتاجية حتى تتشابك في أداء مهامها وصولاً إلى نتائج واضحة ورصينة.

 

إن عملية التسويق في الشركات والمؤسسات والكيانات التجارية على صغرها وكبرها، تستهدف قطاعات متنوعة من الجماهير،  ولكل جمهور سماته الخاصة وموقعه الجغرافي الخاص وثقافته أيضاً، وهي بحد ذاتها – عملية التسويق- تعد استثماراً اتجاه النمو والتوسع الأفضل.

 

 

وهي أيضاً تحدياً ممتعاً وصعباً في بعض الأحيان وفقاً للبيئة العملية المحيطة والأجزاء الإدارية التي ستتعامل معها وحدة التسويق في أداء المهام التسويقية. دعوني أخبركم من خبرتي المتواضعة في هذا العالم، أن وحدة التسويق هي أشبه ما يكون بجيش الدفاع عن الكيان التجاري، فكل ما تقوم به هو الواجهة الأساسية التي يلمحها المستهلك الأخير، لهذا فإن وجود جيش دفاع “تسويقي” متمكن وقوي عنصر هام من عناصر نجاح الكيانات التجارية ككل.

 

حتى تستطيع أن تمد جذورها في أسواق العمل، وتنتقل من القطاع المحلي، الإقليمي فالعالمي، إذا أرادت بالطبع. فإذا أراد رأس الهرم الإداري شيئاً وهدفاً واضحاً، بعنوان واضح، وخطة واضحة، لا إبهام فيها ولا غموض! فإن هذا من شأنه تسهيل عملية التسويق إلى حد كبير، لكني في مقالتي هذه سأركز على أبرز الأسباب التي تؤدي إلى فشل التسويق، فالتسويق استثمار، وفي الاستثمار علينا تجنب الخسارة أكثر من التركيز على الربح لهذا إليكم أهم الأسباب وفقاً لملامستي لواقع العملية التسويقية وكوني جزءً منها:

 

 

السبب الأول : العقلية الإدارية

 

 

النموذج الإداري الأول لفشل التسويق : الجهل بعملية التسويق ومراحلها ومتطلباتها

 

 

لقد طلب مدير شركة أن تكون مبيعاته خلال ستة شهور هي 150 ألف درهم/ ريال ، وكل ما فعله هو تعيين موظف ليقوم بالنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لترويج المنتجات، ولم يكن مستعداً لبذل ما هو أكثر من راتب هذا الموظف، بل كان يقوم بفرض أفكاره ونظرته وتدقيقه التفصيلي على كل ما يقوم به الموظف، ولم يترك له فرصة الخروج من الصندوق.

وهكذا أصبحت عملية التسويق محدودة بمنافذ التواصل الاجتماعي، تقليدية مميتة، لأن مدير الشركة يفرض أفكاره ولا يدع مجالاً للنقاش. كان دوماً يرى في موظف التسويق الذي يصر على ضرورة صرف ميزانية الإعلان، استنزافاً لميزانية الشركة، فقرر في النهاية أن التسويق لا فائدة له. نرى في هذا النموذج، أن مدير الشركة يجهل تماماً عملية التسويق ومراحلها، ويجهل تماماً في الميزانية التي يجب أن تخصص لهذا القسم، ويجهل تماماً أن الصبر والسير بخطوات مدروسة هما أهم عناصر النجاح، لأن العجالة تؤدي إلى الندامة في كافة الأحوال.

 

 

النموذج الإداري الثاني لفشل التسويق : تشتيت جهود فريق التسويق من قبل الإدارة

 

 

عندما يضع فريق التسويق خطة مرنة، قابلة للتغير وفقاً لسلوك المستهلك، فإن الإدارة تعتبر أن من واجبها التدخل في خط سير العملية التسويقية وهي بهذا قد تعرقل أو تبطئ النتائج أو تفشلها تماماً.

 

 

على سبيل المثال، عندما رأى مدير شركة أن المبيعات تأتي إلى متجره الإلكتروني من حساب الإنستقرام مباشرة، طلب من فريق التسويق فتح حسابات على المتاجر الإلكترونية الأخرى لنفس الشركة، والقيام بتسويق الحسابات للمتاجر الإلكترونية الجديدة، مما أدى إلى تشتيت الجهد والإنحراف عن الهدف الرئيسي…

 

 

وهو ما انعكس على تقلقل المبيعات وتأرجحها شهراً بعد الآخر ، بعدما كانت في مرحلة نمو تدريجي ثم ثبات نسبي.

 

 

ثم بدأت تنخفض شيئاً فشيئاً، لأن المستهلك سابقاً  كان يرى عبر الانستقرام متجراً إلكترونياً واحداً هو المنفذ الوحيد لشراء المنتجات، أما فيما بعد وبعد تدخل الإدارة أصبحت أمامه خيارات تسوق متعددة لأكثر من متجر يعرض عليه ذات المنتجات.

 

لذلك بسبب الحيرة التي كانت تصيبه عزف عن الشراء. لأن جهده التفكيري موجه نحو : من أي متجر سأشتري، بدلاً من أي منتج سأشتري؟ أو كم منتج سوف أشتري! والحق يقال: لقد تسببت العقلية الإدارية في إفشال كافة الجهود التسويقية، كون الإدارة صاحبة القرار الأخير في إجراءات التسويق.

 

 

النموذج الإداري الثالث لفشل التسويق : عقلية الندرة التي لا تتقبل مرحلة النمو بتوسعاتها وتعتبره ترهل استنزافي في الكيان الإداري

 

 

إذا قامت المبيعات بالنمو، فإنها تجلب لك المال، المال لمن لا يعرف كيف يديره إذا فاض هو “نكسة”، سوف يسبب التوتر والاضطراب لمن يجهل كيفية إداراته أو إعادة استثماره من جديد، ليكون تدويره واحداً من أسباب النمو، ولكن الإداري الذي تعجبه (منطقة الراحة) سوف يرى في التسويق الناجح عنصر تهديد (لراحته) وبدلاً من التحفيز، يسير اتجاه تقويض الجهود وتقليلها.

 

لأنه يرى أن أي توسع سيجلب الكثير من الضغوط التي ستنعكس وفقاً لنظرته على استنزاف الإدارة ووضعها في وضع إداري جديد قد يلزمها الدخول في مرحلة (إعادة الهيكلة) ، وهو ما يعني تهديد غير مباشر لمناصب المتواجدون حالياً في مناصبهم، لهذا بعض العقليات الإدارية التي تتمتع بعقلية الندرة هي مثل “ورم سرطاني” في جسد الكيانات التجارية، ويجب على المجالس الإدارية أن تكتشفه مبكراً وتعمل على استئصاله! فيما سبق ثلاثة نماذج هي الأكثر شيوعاً وانتشاراً في الكيانات التجارية الصغيرة والمتوسطة.

 

 

 

السبب الثاني : رجل المبيعات الذي لا يحسن دوره الوظيفي

 

 

لا تقتصر وظيفة المبيعات على البيع فقط، لا، بل يجب أن يكون رجل المبيعات “فطناً” للغاية فيما يتعلق بالتعامل مع الزبون، فأي كلمة يقولها، وأي تصرف وسلوك يبدر منه هو تعبير غير مباشر عن سياسة الشركة، فالمعاملة الحسنة تترك انطباع جيد يسهم في تعزيز ولاء العملاء وارتفاع معدل تكرار عملية الشراء من ذات الزبون ولكن رجل المبيعات الذي لا يحسن وظيفته، يحبط جميع جهود التسويق.

فلو قام قسم التسويق بحملة إعلانية، فإن الزبون يقف في الأخير أمام رجل المبيعات الذي قد يحسن دوره فيكون عنصراً يتوج جهود التسويق، أو يفشل في أداء دوره فيتسبب بإجهاض الجهود التسويقية في كافة مراحلها. لهذا رجل المبيعات هو آخر نقطة في خط التسويق، وهو حلقة الوصل بين الشركة وجمهورها،

 

 

فاختيار موظف المبيعات المناسب يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ثلاثة أمور:

– المعرفة التامة بسياسة الشركة

– المعرفة التامة والدقيقة جداً بتفاصيل المنتج/الخدمة

– معاملة الزبون كأنه مالك الشركة

أتذكر، أني وقفت ذات مرة لأشِتري منتج جبن ذو مواصفات يقال أنها  قياسية، فقمت بسؤال البائع هل الجبن مصنوع من حليب بقر أم ماعز، فلم يستطع أن يجيب لذلك عزفت عن الشراء! هذا مثال بسيط لما يمكن أن يتسبب به رجل مبيعات بالتأثير السلبي أو الإيجابي على عملية التسويق وحجم المبيعات!

 

 

السبب الثالث : عدم النزاهة والمصداقية في العروض والمسابقات

 

 

هذا السبب له علاقة غير مباشرة بالإدارة أيضاً، لأن الإدارة هي من ستوافق على منح  الجائزة أو تنفيذ العرض المعلن بحذافيره بكل مصداقية ونزاهة، ولكن غالباً ما يحدث عكس ذلك، فبعض  الكيانات الإدارية تقول : لقد انتهى العرض، انتهت المنتجات، أو تستبدل المنتج المعلن عنه كمكآفأة بمنتج أرخص! أو قد تعلن عن العرض بشكل سطحي لأنها لا تنفذه على أرض الواقع!

الكثير من التحايل وعدم الالتزام بالشروط والفترة التنفيذية للعرض والمكافآت كله يؤدي إلى ضرب الكيان التجاري في عقر داره!

فمرة تلو الأخرى، لن يصدق الزبون أي شيء مما يراه، ولن يتفاعل معه، حتى لو تم أخذ إجراءات تصحيحية فيما بعد، فالانطباع الأول هو الانطباع الأخير لدى الزبون .

 

 

السبب الرابع : نقص السيولة أو ضعف التدفق النقدي 

 

 

وجود ميزانية مخصصة للتسويق، مع نقص السيولة لأسباب محاسبية أو إدارية أو مؤقتة، يؤدي إلى تقلقل الأداء التسويقي، وهو ما سينعكس على المدى القصير والطويل أيضاً على النتائج الملموسة على أرض الواقع وتشمل: حجم المبيعات، مستوى الإقبال، ولاء العميل، تقييم العميل.
لهذا عندما يحدث نقص في السيولة، أو ضعف مؤقت في التدفق النقدي، فإن أول ما تقوم به الإدارة هو “تهميش” وحدة/قسم التسويق من أحقيته بالصرف لموازنته المالية المرصودة، كونها تعتبر التسويق أمر ثانوي لا يؤثر على العمليات التشغيلية.

لكنها كلما أحجمت المخصص المالي وقللته، وهمشت الدور التسويقي، كلما أدركت فيما بعد كم كان دور التسويق فعالاً في بناء ولاء للعلامة التجارية وفي كسب قلوب العملاء، وجعلهم يدفعون ما في جيوبهم دون أن يشعروا.

 

السبب الخامس : يفشل التسويق عند التعامل مع أطراف ثالثة غير مؤهلة وغير متمكنة

 

 

جزء من عملية التسويق المتكامل يعتمد على التسويق التقليدي  مثل: المطبوعات، أو مقابلات الزبائن وجهاً إلى وجه، لهذا قد تحتاج وحدة التسويق إلى توكيل المهام التنفيذية إلى جهات وأطراف ثالثة، وقد تتدخل الإدارة في انتقاء هذا الطرف بما يوائم مصالحها هي دون الأخذ بعين الاعتبار مستوى الجودة والتمكن، فقد تفضل السعر “الأرخص”  الطرف الذي سبق و أن تعاملوا معه فهو من ضمن علاقاتهم حتى لو كان مستوى الأداء لهذا الطرف مقبول غير متميز، لهذا فإن اختيار (من ستتعامل) معه وحدة التسويق على درجة كبرى من الأهمية التي لا يجب أن يغض الطرف عنها.

 

 

السبب السادس : التردد في إصدار القرار النهائي مما يعرقل اتخاذ قرارات أخرى مهمة

 

 

تبنى القرارات الكبرى بناء على تراكمات لقرارات صغرى تتبع التسلسل الإداري، لهذا عندما يتردد صاحب قرار في أي موضع إداري عن اتخاذ القرار أو تأجيله أو تسويفه، فإنه ينعكس بصورة كبيرة على “الجدول الزمني” لتنفي مهام رئيسية بعينها. وعدم اتخاذ هذا الموضوع بجدية، يؤدي إلى استنزاف وهدر الوقت وكادر التسويق.

 

 

السبب السابع : التوسع الأفقي الذي يعدد المنافذ دون تركيز

 

 

هذا السبب له علاقة بالنموذج الأول من السبب الأول في هذا المقال، أقصد بالتوسع الأفقي هو ما تقرره الإدارة من فتح “نوافذ” للبيع دون تركيز جهودها التسويقية على منفذ بعينه، أو اثنين أو ثلاثة، هذه المنافذ رقمية ولا أقصد افتتاح فروع متاجر على أرض الواقع مثلاً.

إن ما أقصده هو “الفوضى” التي تحدث في فتح شعاب رقمية جديدة، تصيب المستهلك بالتخمة الذهنية والتيه وتؤدي إلى عزوفه وانسحابه من تقرير عملية الشراء. لهذا الأفضل أن يتم التركيز على التوسع العمودي بتطوير المنتج، توسعة الاستهداف، بدلاً من صرف الموازنة على ما يشتت ولا يصيب الهدف النهائي! فلا تسأل لماذا يفشل التسويق قبل النظر لهذه الأمور!

 

 

نهاية، أود أن أؤكد على أن وظيفة التسويق الأولى هي جذب الجمهور المستهلك، وتحويله إلى عميل “محتمل” ، أما تحويل العميل المحتمل إلى عميل “متعامل” ويتمتع بولاء كامل للشركة فهي وظيفة الهرم الإداري كله، بتعاضده  من رأسه حتى قاعدته.

 

اقرأ أيضاً:

 

عدد المشاهدات 3487

One thought on “لماذا يفشل التسويق ؟

  1. Nadia says:

    مقال شامل كامل جمع جميع أسباب فشل التسويق، هذه المقالة دليل شامل لكل من يسعى للتفوق في عالم التسويق الرقمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *